السبت، 17 أغسطس 2013

أمـــة تقـــتل أبناءها
أصبحنا نشاهد جثث القتلى، ونتعرض إلى إشارات تبشر بصنع أجواء تستدعي معاداة الأخ أخاه والجار جاره تجاوزا للاختلاف والتنافس إعلانا عن بدء مرحلة استباحة الدماء، ونثر الجماجم المحروقة في الطرقات. وتوزيع الآراء بين من يقف منحازا للقاتل أو منحازا للمقتولِ. بين أن نكون من ذوي القلوب تبكينا صور الشهداء الأبرياء أو من القاسية قلوبهم نرقص على جثثهم ونشعل الشماريخ مهللين بالاعتداءات لا نحفل بمن سقط ومن سيسقط ونبرر للقاتل رميه بالرصاص المخالفين ثم نشنع بالمسالمين ونلوم  القتلى على شجاعتم ومواجهتهم السلاح بصدور عارية وقد خرجوا للميادين يطالبون بحق رأوه من نصيبهم.
فأي كرامة لنا وأي وحدة؟ ولمصلحة من صناعة القتل وبث الفوضى؟ وماهي الحدود والخطوط الحمراء؟

أي كرامة لنا وأي وحدة؟

إننا أمة عريقة في الزمن تعاقبت علينا الحضارات وامتدت بلا انقطاعٍ، شاركنا في البناء الإنساني ونفضنا الغبار عن ثقافات غاب ذكرها فأعدنا إحياءها وساهمنا في عجلة التقدم حتى تحسر البعض على تأخر وصول الإسلام إليهم كما ذكر جوستوف لوبون في كتابه (حضارة العرب) تعليقا على نجاح شارل مارتل في الدفاع عن فرنسا ضد الغزو الأندلسي بقيادة عبدالرحمان الغافقي في معركة بلاط الشهداء (= بواتييه )"لو أن العرب استولوا على فرنسا ، إذن لصارت باريس مثل قرطبة في إسبانيا مركزا للحضارة والعلم، حيث كان رجل الشارع فيها يكتب و يقرأ بل ويقرض الشعرَ أحيانا، في الوقت الذي كان فيه ملوك أروبا لا يعرفون كتابة أسمائهم."
في تلك الأعوام الماضية لم تكن تقود المسلمين غير مشاعر الاجتماع والمصير المشترك لا يقبلون إهانة تلحق الفرد و المجموعات كأنهم جسد واحد إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى وشاركوه نفس الألم و أقوى. نتذكر هنا تلك القصة المروية عن حمية الخليفة المعتصم لما بلغه أن امرأة استنجدت به وهي تتعرض إلى  مضايقة الروم وتحرشهم بها فنادت "وامعتصماه" فترك ما كان بصدده حتى يثأر لها وله ويعود من فتح عمورية شديدة التحصين.
إذن لم يكن العربي يأبه للمصاعب والمتاعب متى تعلق الأمرُ بشرفه وعرضه أو كرامته عش عزيزا أو مت وأنت كريم ... بين طعن القنا وخفق البنود
لم يكن يحتقر أي حدث وكان يهرع لنجدة أخيه في الإسلام وفي العرق يحميه بحياته ونفسه لأنه يملك ثقته بنفسه ويستيقن أن الراعي ينشغل بأمر حيث أن العرب كانوا في وقت ما أقوياء وكان الآخر يهابهم حتى انه متى تجرا عليهم عاد وعرف حجمه كما في رد الرشيد على رسالة نقفور بعد اعتلائه العرش:"من نقفور ملك الروم إلى ملك العرب، أما بعد فإن الملكة إيريني التي كانت قبلي أقامتك مقام الأخ، فحملت إليك من أموالها، لكن ذاك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وافتد نفسك، وإلا فالحرب بيننا وبينك" قرأها فغضب غضبا شديدا ورد ردا عنيفا:" من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام  " ثم غزاه وأسقطه  إلى ضعف النساء وحمقهن كما ذكر في رسالته.
نستنتج من الأمثلة المذكورة أن الكرامة ملازمة للشعور بالقوة والثقة والأخذ بأسبابهما لذلك اليوم لا تجد الإسرائيلي يهان ولا الغربي ولا الأمريكان بينما العرب و الأفارقة تلحقهم الإهانات وتجدهم على الدوام يشتكون من العنصرية الموجهة ضدهم في البلدان المتقدمة ولا يجدون في بلدانهم من يرد عنهم الظلم وقد لا يجدون الملاذ إلا عند الطرف الآخر المعتدل. لكن ما يثير عند العربي أنه يستكين لإذلاله ويقبل به ولا يعارض استعباده مثلما لاحظ شاتوبريان في كتابه" السفر من باريس إلى القدس" حيث لا ننفي عنه النزعة المتعالية ولا الاستعمارية او العنصرية ولكننا بالعودة إلى الواقع قد لا نعارضه عندما يتحدث عن فظاظة العرب وعن حبهم للاستعباد أو عندما يبرز أن:"كل شيء ينم لدى العربي عن الإنسان المتحضر العائد  للسقوط إلى حالة التوحش." وإلا فما تفسير حمامات الدماء التي مافتئ حكامنا يسفحونها هنا وهناك؟ ومابال الشعوب تقبل بتلك الفضاعات وما من عمل لها سوى الإحصاء لارتفاع الأعداد في سوريا والعراق واليوم في مصر ولبنان؟ فأي مصلحة يخدم ذلك؟
لمصلحة من صناعة القتل وبث الفوضى؟

إن الباحث عن الوصف المناسب للمرحلة التي نمر بها هذه الأيام، قد يتردد لأنه لن يقف أمام إيجابيات فيتحرج ويتهرب من التفاصيل الرهيبة التي تكشف عنها كثرة الفتن، وعطالة العقل والتمييز. إنها مرحلة حالكة من تاريخنا الوطني والقومي لا نظن أن التابعين لها جميعهم يتشرفون أنهم يعدون من أبنائها اليوم. فغلب علينا الميل لإنكار خصوصياتنا وإهمال واجباتنا نحو بعضنا البعض ما ضخم في أنفسنا الشخصية الفردية مقابل التقليص من حضور الشخصية الجمعية فاستحال نتيجة لذلك الغالب على النخب  خدمة مصالحها قبل مصالح العامة والمجموعة قد نستدل عليه بما جاء في كتاب العقل للمفكر التونسي الدكتور فتحي التريكي:"وقناعتي أن على المثقف العربي في الفترة الحالكة حاليا أن يبرز دوما الوجه النير في حضارتنا وثقافتنا وذلك للصمود أولا أمام الهجمات العنيفة التي تتعرض لها ثقافتنا يوميا من قبل العنصريين والاستعماريين الذين يتفننون في إبراز وجه تقشعر منه الأجساد وتنبذه العقول. وثانيا أمام المحاولات العديدة التي يقوم بها المتطرفون ليقلصوا مجالها الواسع ليشمل الثقافة الدينية فقط.
والغريب في كل ذلك أن بعض المثقفين عندنا لهثا وراء الشهرة في الغرب تراهم يبحثون عن كل ماهو سلبي في الحضارة لإبرازه وكأنه المركز الذي حوله تدور كل معطيات ثقافتنا فيتكلم عنها دون تعمق دون تثبت ودون تريث علمي وكأنه مختص فيها اختصاصا وثيقا ودقيقا، وهمه في ذلك أن ينال استحسان هؤلاء الاستعماريين العنصريين. وكم من مثقف تظهره وسائل الإعلام الغربية بمظهر المضطهد لأنه تجرأ ونقد فتعرض للهجمات ولردود الفعل العنيفة." إذن هذا هو النخبوي العربي يهمه أن يصبح له صيت،ويستغني أن يكون لثقافته موقع بين الثقافات ولبلاده مكانة مشرفة بين الدول، حسبه نفسه.
عندما تغزو المصالح الفردية المصالح العامة، نفتقد إلى كل القيم الأخلاقية المنظمة للحياة الجماعية فيغيب الإحساس بالآخر ابن بلدي وابن وطني ،وقد أبغي له الشر والحزن إذا تعارضت في نظري منافعنا وفوائدنا. أهمل وقتها أننا في نفس الأرض وأن ما يسوء وضعه بالضرورة لابد أن يسوءني وما يهدده ينتقل بصفة آلية عندي  يستوي في ذلك الفاعل والمفعول به، لكن مع وضوح الضرر ويسر ملاحظتته يتجرا قسم من المتنطعين فيقدمون أنفسهم أنهم أبناء البلاد وغيرهم دخلاء عليها فيهاجمونهم ويتهمونهم بالتقصير وعدم الانشغال مثلهم بالقضايا الرئيسية ولا يملكون الأهلية حتى يسطروا بأنفسهم ما يصلح للجميع، عليهم أن يعترفوا أنهم قاصرون وعلى باقي أفراد الشعب الطائعين لهم أن يتجنبوا وإياهم أي ألوان المشاركة لأن عدم انتماءهم للوطن قد ثبت يقينا وليس لهم ما يقدمونه: ثقافتهم متخلفة غير مواكبة للعصر على خلاف ثقافتنا وإن كنا بدورنا نستوردها من أعلى البحار فإننا نستند إلى قاعدة راسخة في الحداثة لذا فما وافقنا هو الصالح وما يخالفنا هو الفاشلُ. ليست لكم أيها الشعوب عقول تفكرون بها ولا عيون تبصرون بها أنتم دوابنا نقودكم إلى اليمين وإلى اليسار لا تقلبوا آذانكم إلا إذا خاطبناكم وسخرنا إعلامنا يحدد مواقفكم وآراءكم بواسطتها نرعبكم وننومكم تنويما مغناطيسيا فلا تنطكون إلا ما نريكم ولا تباركون إلا ما نأذن لكم وإن نددتم فلا تنددون إلا بما حكمنا نحن بزيفه وبطلانهفإن رأيتم الموتى كذبوا وشككوا في مصدرها وفي صحة ما يقدم عن عددها فهي أقل بكثير لم تبلغ الآلاف بل هي في حدود المئات وحسب لا تقولوا إن الجيش والأمن من يقتلها بل هي نيران صديقة وإن ظهر الكذب فقولوا إن أحدا منهم حمل سكينا مهددا به من في داخل المدرعة محصنا أو لعل آخر قد ألقى بيده حجارة متوسطة الحجم فأصابت رجل أمن أو جنديا. ولولا ما صدر من سبقهم ومن جرائمهم ما كانت جيوشنا لتعترض سبيلهم وقد أكدوا لهم أنهم لن يلحقهم ضرر ماداموا يحافضون على سلمية احتجاجهم أما وقد خالفوا تنبيهاتنا وتحذيراتنا لم يعد لادمهم ولا مالهم في عصمة من أمرنا. أفلا تصدقون؟ افلا تنتبهون؟ إن المخالف من يبادر لا من يقتل، إن الكاذب من يخالف ما أنشر لا من ينقل الواقع كما هوبل المغرض ليس من يكمم الأفواه ويقطع الإرسال عن الأصوات المخالفة، إنه من يصنع صورة موازية ويعدل الرؤى مخالفا المقاصد والتوجهات من الانقلاب.
فعلا هو هذا ما يتضح من المشاهدات ومن الملاحظات في الأحداث المعيشة عالميا ومحليا، لئن كنا بررناها من منطلق العداء فيما بيننا وبين الصهاينة فإننا نبقى مبهوتين عندما نصطدم بنفس المشهد بين أبناء الوطن الواحد والشعب نفسه الذي ينقلب إلى فصيلين متصارعين كل منهما يدعي امتلاكه للحق ويدعو لاتباعه. وقسم ثالث يخترعون له حكاية الحياد فيلزمونه بالوقوف على مسافة فاصلة بين الإثنين حتى يدمر أقواهما الضعيف وبعدها يأتي دور الاعتبار والدرس: أي بعد خراب مالطا.في حين الدور الإنساني يأبى ذلك ويتطلب أن تتدخل كما يقول المثل قبل" سقوط الفأس في الرأس" أو كما دعانا الرسول صلى الله عليه وسلم حسب الحديث المروي عن أنس بن مالك" انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال: رجل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنصره إذ كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟! قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره. " بذلك تكون قد منعت الأذى قبل وقوعه وقبل احتداده كالتار التي إذا اشتعلت يمكنك في البداية السيطرة عليها لكنك متى تجاوزت الوقت فإنها يصعب أن تنطفئ ولا تحدث خسائر. كذلك هو حال بلداننا عندما تسول لأي إنسان نفسه أن يستغل نفوذه وسلطانه، أو مؤيديه وداعميه فيقصد أن يرمي شرارة من عنده ليس لها اية وظيفة أوحاجة بل الغاية منها الإحراق والإفساد فتصيب الأخضر واليابس ثم يدعي بعدها أنه يمكنه أن يأتي بالشفاء معتمدا على وعود تصله أو توقعات فيها يخمن.ومقدرا ما تنجذب إليه الأحداث والوقائع في الداخل والخارج حسب مصالحه ولا يعلم أن مكر الله أكبر من مكره. فقد تتغير الأحداث وتفوق ما يتصوره وينفلت منه الزمام ولن يملك أية قدرة على تضميدها وجمعها بل على تغذيتها وعلى عدم التراجع بعدم الصدق وباصطناع الشرعية وبالتفويضات الكاذبة.
كل ما ذكرناه إنما هو مدفوع بسلطة النفس وهواها التي حذرتنا النصوص الدينية والدبية من اعتمادها والسوق وراءها: يقول أبو العتاهية
خالف هواك إذا دعاك لريبة    فلرب خير في مخالفة الهوى
ويقول أمير الشعراء أحمد شوقي:
إذا رأيت الهوى في أمة حكما    فاحكم هناك أن العقل قد ذهبا
حتى لا نسقط في اتباع الهوى ونقدر المصالح حق قدرها فلا نتبع من جعل حاكمه هواه ينبغي ان يتوفر في حياتنا ما يشترك كل الأطراف على اتباعه والقبول به ويعمل على جلبه لأنه وحده ما يتعالى على المصلحة الفردية والضيقة وحده ما يجعل من حياة الفرد الواحد ذات قيمة إنه الدين أو هو الأعراف وما ترسخ عنها من قيم أخلاقية أو هو ما اتفقت عليه الأمم ورفعت مبادئه إلى درجات القيم الكونية: 
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت   فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
مرجعية الأخلاق حقيقية نستند إليها ونطلبها لأنها تمثل حدا أساسيا في التعايش بين المواطنين جميعهم بأطيافهم ومذاهبهم وباكثريتهم وأقليتهم حيث المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الذاتية هذه الأخلاق التي يأتي الدين ليتممها كما ورد في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم انه بعث ليتمم مكارم الأخلاق إصلاحا لحال المجتمعات العربية والإسلامية حيث يقع تحريم الظلم الذي حرمه الله على نفسه وحيث يمنع إيذاء لا المسلم فحسب بل إيذاء الذمي أيضا ويخرج من الملة من يتعرض له.
في نفس سلسلة اتباع الهوى نرى أن الدين يقف ضد أي مشروع يرمي إليه الهوائيون تمريره فإذا بهم تجدهم على اختلافهم يؤاخذون على المنافس كيف يحصر الدين ضمن مشروعه في حين أنه للجميع وفي مواقف أخرى تراه مندفعا لإخراج الدين من إطار الحاكمية بل لا يتورع أن يتهمه أنه ما عاد مناسبا لزماننا لأن القرآن نزل في عصر غير عصرنا ولأحداث غير أحداثنا وفي المقابل يلصق على مبادئ حقوق الإنسان صفة الكونية فيدافع عنها قولا ولكنه لا يطبقها في العديد من أفعاله عندما يهلل بقتل المئات من الناس ويبارك التشويش على الفضائيات التلفزية وقطع إرسالها ويبرر حملة الاعتقالات الواسعة عند هذا الحاكم أو ذاك بينما ذات الشخص قد تراه في لقاءات سابقة يكاد يبكي متأثرا لاستعمال القوة ضد متظاهرين محتجين. لا يستقيم الأمر إننا نريد للحكم أن يكون واحدا في كل الحالات أن لا يفرق بين هذا وذاك أن لايميز بين هذا يحمل مشروعي وذاك يخالفه فيبيح عليه ما يحرمه على نفسه بسلطة الهوى لا العقل. إذن علينا أن ننظر إلى هذا المشترك الذي يتساوى عنده كل الناس كأسنان المشط نرجع إليه أمورنا كلها. يقول الرسول صلى اله عليه وسلم:"فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ."ويقول الله عز وجل :" فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله ورسوله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا." 
لسنا نتجنى على الواقع عندما ننادي إلى ضرورة الاعتماد على الجامع المشترك عند العرب وعند المسلمين الذي إذا ما اتبعناه فلن نضل أبدا لذلك ينبغي أن يكون ديننا حدودن نلتقي عندها ونقبل بقداسته فلا نتأخر عن اعتباره خطا أحمر.
ماهي الحدود والخطوط الحمراء؟
إن حرية الإنسان غير مقيدة يمكنه البلوغ نحو أبعد الحدود بإرادته ورغبته وحتى شهوته غير أن هذا الإنسان لايطلب منه أن يظلم وينتهك من حقوق غيره الفردية والجماعية فكيف له إذن أن يوفق بين الحرية وعدم الظلم؟
عندما نربط بين الإفراط في الحرية والظلم فقد نجد أن الرابط بينهما قوي لأن الحرية قد تغلب نوازع على حساب نوازع أخرى فتقود نحو الفعل المرفوض من ذلك ما نشاهده من اعتداءات على شخصيات رمزية في البلاد بدعوى أننا انتقلنا إلى عصر الحريات فإذا بنا نسقط في وحل الانحطاط الأخلاقي فنعري أجسادنا أمام العموم وننادي بحرية اختيار القرين قرينه مهمن كان هذا القرين ونقف صامتين على قطع جموع من الشباب تلاوة القرآن من أحد الشيوخ ومنا من تطرف ورد الفعل بطريقة هوجاء لأن المس أصاب الذات الإلهية وشخصية نبينا الكريم. 
إذن التطرف يصيبنا هنا وهناك لولا هذا الدين أو تلك الشريعة وهما يعلماننا كيف نتصرف بالتي هي أحسن ولا نغلظ في الأقوال ولا نفرط في الأعمال وإن غرنا على ديننا مسيحيين ومسلمين. 
الدين والوطن كلاهما خط أحمر لست محتاجا أن تعرفني بحرية معتقدي بل إنني أطلب أن تحفظ أنت احترامك لي فلا تتعرض غلى ديني بالاستهزاء والسخرية ولا تنتقص من تعاليمه. ولا أقطع في المقابل عليك حرية التعبير عن موقفك إذا ناقشت ما تراه ينتقص من حق المرأة ومن حق الإنسان. كما تلتزم أن تبقى وفيا للبلاد التي تعيش فيها وتتنفس هواءها وتتلوث بغبارها ولا تفصل بين انتمائك لدينك ولا لوطنك لأن الفضاء المفتوح هو فضاء للتعايش لا للنزاع والعداء وللمفاضلة لكن مع احترام وجود الغالبية والتمييز بين التهجم على الدين والتعبير عن رأيك فيه وأنت تعيش معي وتعلم أنك تخاطب غالبية مسلمة.
إن الدين عندما نؤمن به بالإضافة إلى أنه خط أحمر يشعرني بإنسانيتي وأنني وحدي بين المخلوقات الدنيوية يمكنني أن أتبنى ديانة أنتسب إليها كما يقول هيقل:"إن الإنسان وحده هو الذي يمكن أن يكون له دين وأن الحيوانات تفتقر إلى الدين بمقدار ما تفتقر إلى القانون والأخلاق." لذلك المطلوب ممن سمحوا لأنفسهم الاعتداء على مشاعر الناس المتصلة بالدين وسمحوا لأنفسهم بإثارة القضايا المسقطة على الدين وجعلوا منها جوهرية واوهموا الناس أن الدين ينبغي عزله عن السياسة وعن الحياة عليم أن يلزموا حدود الاحترام وأن لا يقحموا هذا الدين في تجاذباتهم ولا يحولوه مثار شك وتردد بين اعتباره مصدرا للحياة أو ليس مصدرا إنه ثابت في قلوب أتباعه الإيمان به عميق لن يتزحزح ولن يفل وإلا فإن غيرهم سبقوا فماذا جنوا لقد عادوا إلى أراضيهم لم يخلفوا آثارا إلا بإثبات هذا الدين وتركيزه.  
خلاصة ما قدمناه في المقال كله أن الهزات التي تعصف بنا يخطط لها اصحاب الهوى غير ان أراضينا ثابتة في الأصل والقدم ممتدة في العراقة والثقافة تزداد قوتها بما مر عليها من أحداث لو حلت بحضارة غير حضارتنا لتركتها ذكرا مذكورا بينما بينما نحن حضارة الشرق مهد الديانات السموية يختل ميزاننا فنضعف ونتخلف غير أن قلوبنا تصمد تستمد من الكتب السموية ومن تعاليمها الإيمان الذي يخلد و نقبل الدين كله لا بعضه كم يقول كانط:" لئن كان من المستحيل أن تفترض مثلثا من غير أن تفترض وجود زواياه الثلاث فمن الممكن إنكار المثلث والزوايا معا. هكذا يستحيل افتراض الله مع نفي قدرته الكلية أو صفة من صفاته و لكن لا يستحيل إنكار وجوده وصفاته معا"