شهادة
خزيمة ...الدّلالة والغاية ؟
لماذا إثارة السّؤال ؟ ومن
خزيمة هذا ؟لا يظنّ أحد أنّ خزيمة امرأة كما توهّم محاوري..إنّ خزيمة
صحابيّ جليل القدر حضر خصومة اختلقها يهوديّ بغاية امتحان صدق النّبوّة
المحمّديّة ..وهذا موقف يحمد لليهوديّ لأنّه لم يكفر بمحمّد عليه أزكى سلام
بغضا وتعصّبا ولا آمن به تسليما وغفلة وتقليدا..إنّه توثّق لدينه وعقيدته
وهذا واجب على كلّ عاقل وليس أدلّ على ذلك من موقف الرّسول إبراهيم عليه
السّلام فإنّه تجرّأ وسأل ربّه كيف تحيي الموتى؟ وحكا القرآن الحدث فقال"
وإذ قال إبراهيم ربّ أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن
ليطمئنّ قلبي قال فخذ أربعة من الطّير فصرهنّ إليك ثمّ اجعل على كلّ جبل
منهنّ جزءا ثمّ ادعهنّ يأتينك سعيا واعلم أنّ الله عزيز حكيم" البقرة
260.إنّ الله لم يلم إبراهيم عليه السّلام عن السّؤال بل أرشده وأشركه في
بناء الإجابة المطمئنة وهنا حريّ بنا أن نتخلّق بخلق إبراهيم فنسأل لنعلم
وتطمئنّ القلوب والعقول وأن نتّصف بصفات الله فنجيب المتعلّم بتشريكه في
بناء الجواب ولا نمنع السّؤال أو نملي الإجابة..
عمد هذا اليهوديّ قبل أن
يسلم إلى إثارة غضب النّبي وهو يعلم حلم النّبوّة وكضم غيظهم ومسك به من
ثوبه قائلا " إنّكم بنو المطّلب قوم مطل" أي تماطلون في ردّ الدّيون إلى
أصحابها في مواعيدها ..غضب الصّحابة وأشّدهم عمر رضي الله عنه وهمّ
باليهوديّ فنطق النّبيّ الرّحمة بحكمة الحليم فقال لعمر والنّاس خلّو بيني
وبينه وهدّأ روع وخوف اليهودي وراجعه بالحسنى فجثا اليهوديّ وقال " كنت أرى
فيك دلالات النّبوّة فأردتّ اختبار حلمك فصدق.. أشهد أنّك لنبيّ الله"
وأعلن إسلامه..
أمّا خزيمة فإنّه حين رأى شدّة اليهودي وفقدان
النّبي الحجّة على أنّ اليهوديّ أخلف العهد والموعد مع القطع واليقين بصدق
رسول الله قام وقال أنا أشهد لك يا رسول الله ..قال الرسّول كيف ولم تحضر؟
ولم تشهد؟ قال " يا رسول الله تخبرنا عن أنباء السّماء ( أي الوحي والجنّة
والنّار...) ونصدّقك فكيف لا نصدّقك في أمر الدّنيا " فاستبشر رسول الله
لشهادة خزيمة رضي الله عنه.. هذه الشّهادة أثارت كامنا
في صدري ..و الآن أفضحه...أليست الشّهادة تستمدّ شرفها من شرف حفظ الحقوق
من الضّياع ؟ ولذلك أشركت الشّريعة الإسلاميّة المرأة في الشّهادة على
الدّيون وليس في ذلك قصر نظر على الجنس وإنّما هو توسعة على النّاس وتعميم
على النّوع ذكورا وإناثا قصد صيانة الحقّ من الضّياع فإثبات الحقّ مقصد
والشّهادة وسيلة والوسيلة تستمدّ شرفها من شرف المقصد فلمّا كان حفظ
الأموال وتنفيذ العقود من مقاصد الشّريعة ومن التّكاليف الواردة أمرا لا
تخييرا لدلالة قوله تعالى " يا أيّها الذّين آمنوا أوفوا بالعقود "
المائدة1.و ليس أدلّ عندي من تصدّر هذه السوّرة بهذا التّكليف بل إنّ
العقود الواردة بعد ذلك في ذات السّورة مفصّلة أجملتها بدايتها فهذا قرع
للذّهن والقلب حتّى نعقل ...فإن انتبهنا لهذا وجب أن لا نبخس قدر شهادة
المرأة ونزعم أنّها نصف شهادة الرّجل بل إنّ الأنكى القول" المرأة نصف رجل"
...يا لسوء التّعبير وفساد العقيدة ... وأريد أن أختم
بإلماع ومضة أخرى ...شهادة الصّبي أو الرّجل ليوسف عليه السّلام بالبراءة
من تهمة التّحرّش الجنسي والفصل في القضيّة والحكم لفائدة يوسف وإدانة
امرأة العزيز"زليخة" ألم تكن قضيّة رأي عام " امرأة العزيز تراود فتاها"؟
..لقد فصل فيها شخص واحد وأعتقد أنّه القاضي الخاصّ بالقصر و لا أظنّه إلاّ
عميد القضاة لأنّه يختصّ بقضّية العصر والقصر...واعتمد قرينة فقط... لم
ينكر أحد من أهل العلم ولا الدّين ولا القضاء حكم هذا القاضي ولا أنكر
الرّسول محمّدا قضاء خزيمة ولا ردّ اليهوديّ شهادته ولا ردّ زكيّ نفس وراجح
عقل نسب نسله إليه وهي شهادة زوجته...امرأة واحدة...أليس كذلك ؟؟
أبو يوسف
البشير العبّاسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق