تحليل قصيدة يوم أرشق: نزار الديماسي
المراحل
|
التحليل
|
المقدمة
التمهيد
|
× يعتبر الجهادُ جهادا متى قابل المسلمون في الحروب
ذوي الأديان الأخرى لذلك يمدحهم المادحون بينما مدح أبي تمام للأفشين وللمعتصم
في قصيدتنا "يوم أرقش" يتم بمناسبة حرب هي في حكم الفتنة الداخلية...
× لطرح المعاني الحماسية يستعين الشاعر بألوان عديدة
من القول منها الأسلوب السردي الذي يتبعه أبو تمام في قصيدة " يوم أرقش
"
|
التوثيق
الموضوع
|
تعريف الشاعر تعريفا موجزا ( تاريخ مولده ووفاته وكثرة
تنقله بين مصر ودمشق والعراق وبلاد فارس وثقافته الموسوعية.)
عدد أبيات القصيدة تامة ثمانية وثمانون بيتا[13]
مناسبتها الانتصار على بابك الخرمي والقضاء على فتنته التي أزعجت الحكم العباسي
طيلة إثنتين وعشرين سنة.
يمدح أبو تمام المعتصم بمناسبة نصره على بابك خدمة
للإسلام ومناسبة إلحاقه المهانة بأسيره
وإذلاله
|
مراكز الاهتمام
|
× بنية النص وعلاقة الاستهلال بالغرض الأصلي
× الداعي إلى تقسيم حرب المعتصم لبابك أنها حرب
الإسلام ضد الكفر
× المعاني
الحماسية وأساليبها قبل الأسر وبعده
× آثار القضاء على الفتنة الخرمية على الدين وعلى
المعتصم
|
الوحدات
|
حسب المنحى السردي:
× البيتان الأولان :
المقدمة × حتى البيت الثالث عشر
ما قبل الأسر : صورة بابك هائما في الأرض للتوقي من الممدوح
× البقية ما بعد الأسر : تمثيل المعتصم ببابك
|
بنية النص وعلاقة الاستهلال بالغرض الأصلي
|
× نلاحظ أن المعاني الواردة في بيتي المطلع متعددة
فيهما تحول بين حال وحال ولكن الرابط السببي يوضح سبب التحول ونتيجته
× السبب غضب المعتصم للدين وغيرته عليه ومداهمته
للمغامرة بلا أي اعتبار ولا خوف رغم أنها صعبة المنال ( الطباق )
× النتيجة قوة العزم تذلل الصعوبات : حيث يهزم الإيمان
الشرك
الترابط المنطقي بين البيتين الأولين يعكس ترابطا من
درجة أعلى بين الإجمال والتفصيل في باقي النص : انتشار المعاني الواردة في
المطلع وتوزعها في مساحة القصيدة الباقية مما يعلن أننا أمام ترابط وثيق بين
المقدمة الاستهلالية والغرض الأصلي بخلاف القصيدة الكلاسيكية حيث نعرف الاستقلال
ظاهرا بين المقدمات والغرض الأصلي فكيف يبدو انعكاس المعاني الواردة في النص على
المعاني الحماسية؟
|
الداعي إلى تقسيم حرب المعتصم لبابك أنها حرب الإسلام
ضد الكفر
|
× أساس العمل في هذه المرحلة أن أبا تمام ينظر إلى
المعتصم باعتباره مثال القائد المدافع عن حرمة الإسلام ضد التهديدات الخارجية من
الروم والتهديدات الداخلية فتنة الخرمية التي تسوق إلى قيم تحررية متطرفة تتعارض
كليا مع القيم الإسلامية والعربية .
× يقصد الشاعر وهو يمدح المعتصم أن يرسم الشخصية
العربية المثال: من لا تستسلم للأوضاع التي تتأزم وترفض أن يمس الدين أي تغيير
لأصله. لذلك فإن المعتصم جعل همه الدفاع عن الحضارة العربية يقطع الطريق أمام
الروم عند تجرؤهم على المدن القريبة إليهم من جهة ويخمد الثورات خاصة ما بدا
منها داعيا إلى قيم حرمها الإسلام من مثلما هو الحال مع بابك من جهة أخرى.
× لئن كانت حرب المعتصم ضد قوة داخلية فإن أبا تمام
يعتبرها حرب جهاد بين الشرك والإيمان لأن ما كان يروج من قبل دعاة السلطة آنذاك
أن الفتنة الخرمية قد قامت ضد الوجود العربي الإسلامي وتسترجع المبادئ المجوسية
لعبدة النار وتنشر للفسق والتفسخ بنشر الفساد وعدم الاستجابة إلى أي حرمات ولا
تتورع عن إعمال السيف ضد المسلمين حتى أن ما يروى عن عدد القتلى مدة الصراع بين
الخلافة والرافضين من أتباع بابك أكثر من مائتي ألف قتيلٍ.
× لهذا عد الوصول إلى بابك الخرمي رغم إعيائه المستمر
للخلافة مطلبا عاما فيه خدمة للدين وتفع للمسلمين وتم اعتبار السيطرة وأسره حدثا
تاريخيا تقامُ لأجله الأفراح وتلقى بسببه التهاني فيصبح من واجب شاعر القصر أن
ينظم قصيدته يهنئ فيها أصحاب الإنجاز ويخلده
|
المعاني الحماسية وأساليبها قبل الأسر وبعده
|
× يتبع الشاعر في التعرض للأطوار التي مر بها الصراعُ
بين المعتصم وبابك أسلوب السرد الذي استخدم له أدوات مناسبة منها: النواسخ
الفعلية ( كنت ، كان، فأصبحا ، مازال ...) للدلالة على التحولات الحاصلة في
مراحل الصراع.ومنها الجمل الفعلية في صيغة الماضي تنقل الأحداث المختلفة ومنها لما
الظرفية المخبرة عن التحول بين السابق واللاحق وبين حدثين متزامنين.
× أساليب السرد مختلفة لأن الموضوع الذي يتناوله
الشاعرُ يختص بالمطاردة المستوجبة حقا للحركة بين ظهور واختفاء و كر وفر وبحث
واستدراج وهو ما يطيل أمد المطاردة فما هي مراحل المتابعة؟
× مرحلة الحرب والنصر: النداء يستخدم للتضخيم والتعظيم
يخصان يوم أرقش لأهميته التاريخية ولأن الحياة بعده لن تكون كما كانت.
- الجناس بين أرشق ورشق منية: التناسب بين اسم موقع
الحرب وما تلقاه الأعداء من إصابات الرشق حتى أسهمت في إضعافهم.
- الازدواج المعنوي باستعمال " أدلجوا "
و " أسرى" المعبرتين عن السير
ليلا ليعكس الجلد والصبر و الشجاعة والمفاجأة
- المقابلة بين سلوك جيش الخلافة يشمر عن السوق كناية
عن الشجاعة وسلوك الأعداء يسبلون اللباس والدروع كناية عن الجبن
المعطيات جميعها تثبت الاختلاف بين الجيشين وتفوق
المعتصم وجيشه على بابك وجيشه مما سيضطره إلى أن يلوذ بالهروب.
× مرحلة الهروب والاختفاء: اعتماد التزامن بين اكتشاف
بابك للحقيقة وهروبه ليظهر في صورة الغباء مادام لا يقدر الأمر من البداية.
- الفرار عند بابك قرار وعزيمة[14]
لكنه مبني على الخوف والجبن على خلاف قرار المعتصم وعزمه المطاردة انعكاسا
لشجاعته وصبره..
تعتمد الصورة في مرحلة الهروب والاحتماء بالمواقع
الوعرة على التمثيل فكأننا بفريسة
مذعورة تتنقل من مخبإ إلى آخر تتجنب الوقوع في مخالب قناصها فكيف يتصرف المطارد
عندما لا يكتفي بالنصر ويطلب أن يقضي على هدفه؟
× مرحلة الاستدراج: في وقت المطاردة يمكن الفوز
بالفريسة متى استدرجتها وهو ما كان من نصيب بابك الذي تحصن بالجبال والأماكن
الوعرة واحتمى بالطبيعة. وحتى يمكن الإمساك به أغراه المعتصم أو الأفشين بالنزول
إلى الأراضي السهلة وتمكن منه وأسره
× للتعرض إلى المطاردة والاستدراج استخدم الشاعر بعض
الأساليب الإيقاعية من جناس وترديد ( حزن أحزانه ، موصل الأوصال) انعكاسا للمرحلة
نفسها حيث أن الاستدراج عند القيام به يستدعي إيقاعا خاصا في الحركة وفي الصوت
وحتى النظر. إلى جانب الإيقاع يستعمل الشاعرُ التصوير معتمدا المبالغة لإحلال
الهيبة على الجيش في مداهمته لبابك وسيطرته عليه ومستعملا التشبيه كأسراب القطا
لنفس الغرض حتى يدلل على الكثرة والهيبة وإصابة الهدف.
× مرحلة الأسر: زمن الأسر قبل الزوال ، الحدث القبض
على بابك السبب هفواته وغباؤه.
- الجناس أدى وظيفة معنوية بين زمن الزوال وزوال بمعنى
نفاذ وانتهاء النعيم ليبدأ زمن الشقاء
- تغيير النعيم بالشقاء : يقدمه الشاعر في صورة
المفجوع المختل في البيت الثامن عشر حتى تحول طالبا الموت ليرتاح وهو من كان لا
يرضى إلا بالملك.
- تكرار استعمال المفعول فيه بواسطة لما حتى يخدم
الشاعرُ العرض بين حالين إحداهما في الماضي حيث عرف النجاة وثانيهما في الحاضر
حيث يعرف المهانة . لهذا يكثر الشاعر من الأمثلة ليضرب به المثل في الغبن
والانتقام والحمق( ب19+20+21+ 22 )
|
التأليف الجزئي
|
تميز المقطع بالثراء والتداخل بين المعاني والأساليب
مع أن الرابط بينها التدرج الزمني المتتبع لمراحل الصراع بين الخلافة وفتنة بابك
الخرمي فلاحظنا الاختلاف بين القائدين أحدهما المعتصم امتلك حكمة القياد
وشجاعتهم وإصرارهم على الهدف وعدم الرجوع عنه حتى منتهاه حتى لا تنبت له حياة
جديدة بينما غريمه اتصف بالمكر والجبن فلم يعتمد على نفسه ولكنه كان يتخذ المخابئ
ملاذا له في حين أن من لا يعول على نفسه ويعيش عيشة الحيوان بلا كرامة ولا عزة
نفس فلا بد له من نهاية شنيعة كنهاية بابك لكن المعتصم ألا يبدو مبالغا في
الانتقام وهو الذي يقدم في النصّ باعتباره ذائدا عن الدين؟
|
آثار القضاء على الفتنة الخرمية على الدين وعلى
المعتصم
|
يتضح من البيتين الأخيرين صورتان : - صورة الخصب قبل
أسر بابك أرض الإسلام مجدبة وبعده الأرض خصبة ونفس الأمر للصورة النورانية حيث
تتحول بلاد الإسلام من الظلمة إلى النور
مشبها الواقع هذا بالتحول في الخلافة قبل أسر بابك وبعده.
× مثل هذا الكسب للخلافة وللإسلام يفترض اتباع الأصول
الدينية والالتزام بأحكام الدين ووصايا الرسول وأن يبتعد المسلم عن التشفي وعن
روح الانتقام لكن المعتصم مع ما يظهر في عهده من خدمة للدفاع عن التهديدات
الموجهة للدين نراه في الحرب يلتزم بقوانينها ولا يقف عند الضوابط الدينية فهل يعني
هذا أن الوصايا المعروفة عن النبي تجاوزتها الأحداث وأصبح النجاح في الحروب
عائدا إلى مدى قدرة المحاربين على التنكيل بأعدائهم؟
|
التقييم
|
نلاحظ في ما قدمنا من مدح ومن معاني أن أبا تمام يقف
من أعمال المعتصم جميعها موقف المبارك الممجد حتى ما ظهر منها أنه يتجاوز الحدود
الإنسانية والكرامة البشرية كعملية التشفي
والتمثيل ببابك الخرمي بعد القبض عليه وهو ما يطرح علينا قضية دور الشعر
هل يكتفي بدور التزيين للواقع أو هل يمكن أن تكون له وقفة نقدية تجاه ما يحصل؟ ويطرح
علينا قضية العلاقة التي تربط بين شاعر البلاط والأمير أو الخليفة : هل هي علاقة
تبعية دائمة؟
|
التأليف الكلي
|
نرى أن الشاعر أبا تمام قد وفق في قصيدته يوم أرشق أن
يتدرج بنا في المحاور فيجمع فيها ما دار في مدة طويلة : تحول من الحرب إلى
المطاردة فالاستدراج فالقبض على بابك فالتمثيل والقتل وأدخل في ظل ذلك أهم
المعاني الحماسية كحسن القيادة والإصرار على الهدف والشجاعة وعلو الهمة وخدمة
الدين مستخدما الآليات الفنية المعروفة عن أبي تمام دوما كطرق التعظيم والمبالغة
بالصور والإيقاعات الموظفة لغرض المدح والاحتفال بالمناسبة العظيمة لتوظيفها
توظيفا دينيا تظهر شخصية الممدوح لا يصدر في حربه عن هوى في نفسه بل مصرا على
الدفاع عن القيم الإسلامية والعربية وحمايتها من الاندثار
|
الخاتمة
|
أنشأ أبو تمام قصيدته على أساس الترابط بين معانيها
وأقسامها عاكسا الترابط في الواقع بين الممدوح وحربه وهدفه دفاعا عن الوجود
الإسلامي قيما وأخلاقا ضد الكفر والشرك لكننا نراه يبرر ما يصدر عن الممدوح من
أفعال هي بدورها تعد خارجة عن القيم العربية والإسلامية. فماهو الدور الذي يمكن
للشعر أن يضطلع به في ظل علاقة الشاعر بالسلطة وفي ظل انتمائه إلى حضارة معادية
لحضارة منافسة تناصبه العداء؟
|
نزار الديماسي
تحليل قصيدة : الكريم الحر ليس له عمرُ: نزار الديماسي
المراحل
|
التحليل
|
المقدمة
التمهيد
|
× إن الشعر لا تعييه الحيلةُ : في حال النصر يمدح
المتفوقين ويفردهم بصفات المجد وفي حال الهزيمة الشاعر يستعيد ذات معاني المدح
ويعيرها للقائد المرثي بحلة تضع اعتبارا لتغيير المقام كما في قصيدة " كذا
فليجل الخطب وليفدح الأمرُ"
× إذا مجد الشعراء الممدوح اعتبروهم متملقين يطلبون
المال ولكن هؤلاء الشعراء أنفسهم تجدهم عند الرثاء يكررون نفس المعاني كأبي تمام
يرثي محمد بن حميد الطوسي فهل ننزع عنه الصدق؟
× باستعمال المبالغة في التصوير والتضخيم قد ينفلت
المعنى ونتعدى المقصود ، لكن أبا تمام في شعره المدحي يبالغ في اعتماد الصور
الشعرية وكذلك نجده في قصيدته الرثائية " الكريم الحر ليس بحر"
|
التوثيق والموضوع
|
عاش أبو تمام في فترة الصراعات ضد الروم وضد الخرمية
والمعروف عنه أنه مناصر لقضايا أمته.
القصيدة جزء مقتطف من قصيدة ذات ثلاثين بيتا ألفها أبو
تمام بعد قتل محمد بن حميد الطوسي من قبل أتباع الخرمية الذين بذل في قتالهم
البلاء الحسن حتى أنه كما يقال قد استعمل تسعة سيوف : كلما قطع له سيف منشدة
الضرب عوضه بآخر.
× يرثي الشاعر محمد بن حميد الطوسي ذاكرا فضائله في
الصمود ومتحسرا على فقدانه تحسر قبيلته والكون كله
|
مراكز الاهتمام
|
× معاني التفجع وخصائصه الفنية والأسلوبية × أهلية
القائد للتفجع في شأنه × التعزي
|
الوحدات
|
حسب ما يسبق فاء النتيجة وما يلحقها: حتى البيت التاسع
التفجع نتيجة مناقب الشهيد في حياته أما البقية فالتفجع نتيجة الموت الذي داهمه
|
معاني التفجع وخصائصه الفنية والأسلوبية
|
× يجري أبو تمام قصيدته على بحر الطويل خلافا للقصيدتين
في المدح التين سبق أن تناولناهما بالتحليل: حيث استعمل الشاعر بحر الكامل. هذا
يعني أنه يختار الكامل المعروف باعتباره من البحور الخفيفة فيكون مناسبا للمدح
التابع لمناسبة النصر والفوز بينما البحر في قصيدتنا هذه من البحور المركبة
يتميز بطول النفس يناسب الحالة التي عليها شاعرنا ليفضي لنا ما في نفسه
الملتاعة.
× القافية : حرف الراء المناسب في حالات المرارة هذا
الحرف له ميزته أنه ذو صوت مكرر ولا يخفى ما في المناسبة من تكرار الحزن
× تكرار الحزن نفهمه مع كل مأثرة أو فضيلة يتذكرها
الشاعر فتولد لديه الحزن من جديد أو تثيره. ذلك رأينا أنه انعكس على الإيقاع
الخارجي ونراه في ذات الوقت ينعكس على الإيقاع الداخلي حيث تعترضنا أصوات متكررة
حروفا مفخمة كالصاد والضاد والراء والطاء والقاف... وكلمات متنوعة: ذكر الفتى
ثلاث مرات و فعل مات كذلك ثلاث مرات ومرتين مع كلمة النصر ثم كلمة الكفر نفس
الحال مع الجناس في البيت الثاني بين السفر والسفر ومع التشقيق اللفظي في
استعمال الجذر ( ش؛ ط ؛ ر ) في البيت الرابع
والجــــذر ( ض؛ر؛ب ) .
× مثل هذا الغنى في الإيقاع نقدر أنه إيقاع حزن وما
كثرته إلا انعكاس لشدة التفجع من جهة ولتضخمه مع كل ذكرى من جهة أخرى
× الصور الشعرية تشترك مع الإيقاع في نقل ما ذكرناه من
ألم التفجع :
- صورة الخطب أو المصيبة : حيث نلاحظ عدم اهتمام أن أن
يرتفع الخطب والأمر إلى أعلاه مستقبلا لأن ما يقع في الحاضر من مصيبة عظمى تكون
قد قضت على أي نظر لغيرها لذلك تأتي الصورة المائية تتحدث عن الدمع كالماء يفيض
لمصاب موت المرثي لاعتباره فارسا ساعدا
يحمل الآمال للمسلمين وللعرب. هذا تبرير التشجيع على الأحزان وعلى الخطوب [15]
- صورة الآمال: جعل الشاعر للآمال عمرا كالإنسان انتهى
بموت الفارس المرثي وهذا يوضح مدى التلازم بين المرثي والآمال
- صورة كونية: تصل المبالغة عند أبي تمام إلى اعتبار
أن الحركة الكونية في تعاقب الليل والنهار قد تعطلت. ونتيجة ذلك تقف جميع
الأنشطة البشرية بما فيها حركة السفر وحركة الحرب التين كنا عنهما بالجناس
" السفر والسفر " الذين عادا بلا رابط بينهما.
- صورة الحزن والضحك: نتبين هنا المقابلة بين حزن
قبيلة المرثي من جهة على فارسها وافتخارها به من جهة أخرى لأنه يمثل عزتها
وفخرها إذ أخبار بطولاته تتجاوز حدود قبيلة طي لتمتاز بالشهرة وينتشر أمرها بين
القبائل وهو ما يسوقه الفعل "ضحكت"[16]
في البيت3
- صورة الفتى: تكرار كلمة الفتى يحمل أكثر من دلالة
منها التحسر على موته ومنها الإشارة إلى موته في سن مبكرة ومنها أنه يمتاز في
عصره حيث تجاوزنا مفهوم الانتماء للقبيلة إلى الانتماء للأمة الإسلامية : يمتاز
ببطولته وبأخلاقه.
- كأننا بذكر الفتى ثلاث مرات انتقلنا من التعريف
بالخطب الجليل إلى التعريف بالشخصية
وكأننا بالشاعر يسعى إلى وضع بورتريه خاص بالقتيل يخلده أو هو ينحت له
تمثالا يشهد له ولكن الأداة هنا تختلف ليست الريشة أو المسمار بل هي اللغة
والعبارة.
- ملامح الشخصية: فتى شهم يجمع إلى بأسه الكرم، موت
الفتى ليس هزيمة بل نصر يخلد ذكراه،
- الفتى الشجاع: الصورة التي تبرز للمرثي في البيتين
السادس والسابع صورة الفارس المستبسل في القتال لا يرضى لنفسه أن يفر من أرض المعركة مع أن
الإقدام على الهروب سهل يجلب لمحمد الطوسي النجاة غير أن نفسه عالية وترفض أن
توجه لها عبارات الاتهام بالجبن والضعف فكان منه أن تمثل قول: "نحن قوم ننتصر أو نموت" فصمد في
ساحة الوغى وضرب وكان يضرب بسيفه حتى إذا قطع أبدله بغيره فيقال إنه استعمل في
ذلك اليوم في قتاله تسعة سيوف واختار مواجهة أعدائه رغم فرار من معه وقاتل قتالا
مشرفا.
- قاتل من الصبح عند الشروق حتى الغروب حتى مات سيفه
واعتل رمحه وهنالك كان اجتماع الأعداء عليه وضربوه ضربة رجل واحد
- المرثي كان يعد الحياة في ظل الفرار كما يرد في
الكنايتين "الحفاظ المر والخلق الوعر" لأن ذلك يجلب له العار
الذي تعافه نفسه.
|
التأليف الجزئي
|
يبدو أن الشاعر قد جمع في الوحدة الأولى ما يملكه فنيا
إيقاعا وتصويرا وبديعا حتى يحاكي ما أصاب الأمة وقتها من خسارة ليس لها من تعويض
فبارك القيم التي برزت عنده منها ما رأينا من معاني الحماسة المتمثلة في الصمود
والاستبسال والشجاعة وعلو الهمة في مقابل العار والفرار والنجاة من الموت [17]
فنفوز بحكم ذلك بصورة كاملة عن القائد الشامخ الذي يشرفه موته ويكون المثال
لغيره. لكننا قد يثيرنا ما بدا عند أبي تمام ما بدا منه سعيا للإحباط عن الجهاد
وعن القتال بعده فهل يبرر الحزن على الفقيد مثل هذه الدعوة؟
|
أهلية القائد للتفجع في شأنه
|
× نرى التفجع لا يصيب الشاعر وحده بل يذكر المتفجعين
كلهم فإذا دائرتهم تتسع من الراثي فردا إلى قبيلته بني نبهان جمعا إلى العلى والجود والشعر قيما إنسانية
فاضلة.
× المقصد هنا أن شاعرنا خسارة فـُـجِعت فيه الإنسانية لنقدر
من ذلك أنه فوق الناس فضلا ورفعة وهو ما يذكره لنا الشاعر في طريقتين:
- غير مباشرة بواسطة الاستفهام الدال على التيئيس من
الصبر بعد موت المرثي ذلك أن ما نصبر عليه قد نعوضه في حين الفقيد في هذه المرة
لا تعويض له.
- مباشرة في الوصف الوارد في البيت الخامس عشر: عذب الروح
ومتواضعا رغم أنه رفيع : هنا لسنا أمام بشر بل أمام ملك
- الموازنة في البيت السادس عشر : يظهر أنه مات وهو
وحيد فر الجنود وخذلته الخيل وأعاقته السيوف وأدارت الحرب ظهرها له.
× نتيجة فقدان محمد الطوسي تعطل أدوات الحرب وسلاحها
لم تعد بواتر بل أصبحت مبتورة وكذلك الحرب لم يعد لها جمر يشعلها. وظف الشاعر
لأداء هذا المعنى المقابلة في البيت السابع عشر في إطار عرض زمني يقابل بين زمني
الماضي والحاضر.
|
التأليف الجزئي
|
لا شك أن الشاعر قد تناول من الصفات التي ألقاها
لمرثيه حتى يظهر في صفاء روحه وفي قتاله وفي موته فريدا لا يتسنى إيجاد من يعوضه
ومن يعيد أفعاله فيحق بذلك أن يتفجع عليه كل الخاسرين بشرا وقيما فكان موته فوزا
له وخسارة لمن دونه فلمن تدق طبول الحرب بعده.؟
|
التعزي
|
ينقسم التعزي حسب البيتين الثامن عشر والذي بعده إلى
دعاء على الغيث نفسه بالغيث مما يعني أنه مهما علا شأنه فإنه في قبره يبقى
الإنسان الذي يحتاج رحمة الله به. وبعد الدعاء نجد إقرار الشاعر بالنهاية
الحتمية فيودعه وداعا نهائيا وينهي بيته بحكمة تلخص شخصية الرجل ونهايته أنه عاش
حرا كرينا وفي النهاية عمره قصير وكأن كل جميل ليس له اكتمال.
|
التقييم
التأليف الكلي
|
لاحظنا أن التفجع على الفقيد بلغ حدا مغاليا مبالغا
كأنه يقطع مع الحياة ومع الاستمرار بسبب فقدان المرثي مع أن الدين الإسلامي يدعو
إلى التوازن[18]
وأن أبا تمام في كم من موضع كنا نجده متبنيا للقضايا الإسلامية مدافعا عن الدين
. قد نفسر ما برز من الشاعر في تضخيمه
لصورة المرثي أنه لم يكن ينزع نحو تزيين صورته فحسب بل كان يطلب في رثائه رسم
تلك الشخصية المرجعية المثال والنموذج التي ينبغي أن يكون لها عند المسلمين نسخ
عدة لا تقف عند فارس واحد إذا فقدناه فقدنا وإياه الفضائل . تكون حسب ما ذكرنا
المبالغة ويكون التضخيم وسيلتين نحو تحقيق غاية سامية. عندئذ قد نقول إن أي
وسيلة مشروعة مادامت الغاية نبيلة ً
تنوعت الإيقاعات في القصيدة داخليا وخارجيا بحسب ما
يتناسب مع غرض الرثاء، وتعددت الصور المركبة والمختلفة ذات المنحيين الخيالي
والتضخيمي لإيصال صورة عن المرثي أنه يفوق أهل عصره خصالا حربية وخصالا اجتماعية
تكمل تميزه الحربي فإذا بالأمثلة المذكورة عن محمد بن حميد الطوسي تجعل منه ميتا
يفتقده أهل قبيلته وأمته إضافة عن القيم وعن الأخلاق وعن الفن الشعري . لتبرز
لنا في نهاية رسم البورتريه للشخصية
المذكورة أننا أمام نموذج مثال مشتهى يرجى تكراره في الحياة العربية . هذا ما
نؤكد أنه يستجيب مع وظيفة الشعر.
|
الخاتمة الحوصلة
|
حفلت القصيدة بالمعاني الحماسية والحربية التي تظهر فرادة
المرثي وتفوقه باعتماد وسائل إيقاعية وتصويرية ساعدت على تبليغ ما يراد إبرازه
عن الشخصية في ذاتها أولا ثم في نموذجها المشترك المطلوب تحقيقه. غير أن المبالغات
ظهر أنها أخلت بتوازن الأحزان عند المسلمين وفهمنا أنها تقصد إلى غاية تحفيز
العرب للاقتداء بمثاله فهل تحقق القصيدة تأثيرها الوجداني والسلوكي عند قرائها؟
|
نزار الديماسي
[13] يلقب
الخليفة العباسي المعتصم بالله : بالمثمَّن لأنه :ثامن خلفاء بني العباس وولد في شهر شعبان وهو الشهر الثامن حكم ثمان سنين وثمانية أشهر
وله فتوحات ثمانية. وقتل ثمانية : بابك ، والأفشين ،ومازيار ، وباطيس ، ورئيس الزنادقة ، و عجيفاً ، وقارون ، وأمير الرافضة .ورزق بثمانية بنين وثماني بنات.وخلّف من الذهب ثمانية آلاف دينار ، وثمانية عشر ألف ألف درهم ، وثمانين ألف فرس ، وثمانية آلاف مملوك ، وثمانية آلاف جارية ، وبنى ثمانية قصور .وبلغت ثروته ثمانية عشر ألفاً وتوفي وعمره 48 عاماً فهل يكون لرقم ثمانية في العدد البالغ لأبياتها صلة بلقبه ( مع علمنا أن بعض الأرقام لم يصلها الخليفة عند تأليف القصيدة)؟
وله فتوحات ثمانية. وقتل ثمانية : بابك ، والأفشين ،ومازيار ، وباطيس ، ورئيس الزنادقة ، و عجيفاً ، وقارون ، وأمير الرافضة .ورزق بثمانية بنين وثماني بنات.وخلّف من الذهب ثمانية آلاف دينار ، وثمانية عشر ألف ألف درهم ، وثمانين ألف فرس ، وثمانية آلاف مملوك ، وثمانية آلاف جارية ، وبنى ثمانية قصور .وبلغت ثروته ثمانية عشر ألفاً وتوفي وعمره 48 عاماً فهل يكون لرقم ثمانية في العدد البالغ لأبياتها صلة بلقبه ( مع علمنا أن بعض الأرقام لم يصلها الخليفة عند تأليف القصيدة)؟
[14] يبنى البيت السابع على حكاية عن أبي سمال الأسدي
" ضلت له ناقة فقال أيْمُنك إن لم تردها علي لا عبدتك فوجدها وقد نشب حبلها
في شجرة فقال علم ربي أنها مني إصري.( عزمي )
[15] يذكر البيت
الأول بما قاله عمر بن الخطاب حينما توفي خالد بن الوليد سيف الله المسلول وهو
المعروف بشدته ومعارضته كل ما هو متجاوز لتعاليم الدين كالبكاء المفرط على الموتى
بما قاله عمر بن الخطاب حينما توفي خالد بن الوليد سيف الله المسلول:" دع نساء بني مخزوم يبكين على أبي سليمان ، فعلى
مثل أبي سليمان تبكي البواكي "
[16] البيت نفسه يذكر بما ورد عند ابن قبيلته طي في الجاهلية حاتم الطائي
الذي يقول: أماوي
إن المالَ غاد ٍ ورائح * ويبقى من المال الأحاديثُ والذكرُ
[18] مات الرسول
فقال أبو بكر الصديق قولته المشهورة:" ألا من
كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت."
وكذلك فإن الرسول لما مات ابنه حزن ولكنه ردد :" إن العين تدمع والقلب
يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإننا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون."
استفدت كثيرا من عملك زميلي الفاضل ...دمت متألقا
ردحذفشكرا زميلي الفاضل
حذفشكرا و برك الله لك ...استفدت كثيرا
ردحذفيشرفني
حذفشكرا على الشرح
ردحذفشكرا
حذف