الثلاثاء، 26 سبتمبر 2023

تحليل نص الفندق الصغير للكاتب بوراوي عجينة - المستوى ثامنة أساسي-

المدرسة الإعدادية ببوحجر

 

الفنــــــــــــــــــــــــــــــــــــدق الصغـــــــــــــــــــــــــــير

الأستاذ: نزار الديماسي

المستوى: 8أساسي

التاريخ: الأربعاء 26 سبتمبر 2023

السنة الدراسية: 2023/2024

النشاط: شرح نص

التقديم: يتذكر الإنسانُ ويحن إلى ما يكون له أثر في حياته أو في مرحلة منها، فيرتبط به عاطفيا ووجدانيا. هذا العامل المؤثرُ قد يتصلُ بما يحيي الذكرياتِ وينمي العلاقاتِ. فيـُرَدُّ إلى زمانه أو إلى مكانه، نفس ما نجده في نص الفندق الصغير ضمن محور المدينة والريف، لصاحبه بوراوي عجينة الكاتب التونسي.

الموضوع: يصف الكاتبُ عاداته وذكرياته في الفندق قبل أن يصيبه التحول ويفقد صلته به.

الوحدات المعنوية:

1-    من البدية حتى " الأنانية والتوحش" (الفندق في طوره القديم.)

2-    ... "وما عدنا نجد الأنس بين ضلوعنا كذي قبل" ( الفندق في طور الترميم والتجديد)

3-    البقية ( الفندق بعد تحوله ونتيجة ذلك على السارد ورفاقه)

الشــــــــــــــــــــــــــــــــــــرح:

الفندق قبل هدمه (في طوره القديم)


استعمل الكاتب الأفعال الدالة على التعود: من حيث المعنى (اعتدت) ومن حيث الصيغة: المضارع الذي يعكس عادات السارد وتكرارها(أجلس/أتناول/ألهو/أسترخي) وصفات النادل( لا تفارق/لا يفتأ/يفوح) إلى جانب الأسماء والصفات المشبهة للتأكيد على صفات النادل:( دائم الابتسامة/حاضر البديهة/مرحا/خفيف الخطو)

֎ عادات السارد في الفندق الصغير: ارتياد الفندق بعد الفراغ من العمل، الجلوس في مقهى الفندق وتعود الأنشطة المألوفة التي تتبع ارتياد المقاهي، الانجذاب إلى نادل المقهى العم حامد.

֎ صورة العم حامد نادل المقهى: رغم إشرافه على الشيخوخة يتصف بالجاذبية والمودة بفضل سماحة سلوكه وأخلاقه.

          

 

  تساهم هذه العادات للراوي في الفندق وفي المقهى داخله من جهة وعلاقته بالعم حامد النادل من جهة أخرى في ارتباطه بالمكان ارتباطا متينا واعتباره جزء من حياته، حيث يأنس برفاقه ذوي الطبقات المتوسطة هناك.

نستفيد من هذا الجزء من النص أن المكان بخصائصه وتأثيراته وباضطلاعه بدور الجامع بين الغرباء أنه يتحول إلى ملاذ وحاضن لمرتاديه كأنه عزيز أو قريب صاحب فضل عليهم. لذلك وردت الجملتان في آخر الفقرة الأولى للتعبير عن لوعة الفراق  وفي المقابل عن وحشة اللقاء بالبديل. تؤديان فعل الاستباق للأحداث إلى جانب اختزال كمية المشاعر التي تربط بين الكاتب والمكان الموصوف الذي يوحي الكلام بمفارقته وبإحداث تغير فيه. فما هي التحولات الحاصلة على العلاقة بين كليهما؟

الفندق عند هدمه وترميمه وتحديثه:

هذه الوحدة كثيفة الأحداث لا تخلو في بدايتها من عنصر المفاجأة ووسطها من البهتة المتبوعة بحركة من الوعي والصراع لينتهي الأمر بالاستسلام والقبول بالأمر الواقع.

֎الأحداث المفاجئة:

تحديد الإطار الزماني للحدث المفاجئ" ذات صبيحة باردة " ما يدل أن أي أحد لم يهيأ لقبول  ما يحدث. حيث استفاق الراوي(الذي تتساوى رؤيته مع الجميع) على مشهد جديد مؤلم بينته الأدوات الغليظة من جهة (حبال غليظة/ سلاسل ثقيلة/كماشات ثقيلة/صفائح معدنية عريضة/الشمع الأحمر) ومعاني الأفعال المبنية للمجهول من جهة أخرى (رُبطت/قُيدت/كبلت/حوصر/ختم)هذه الألفاظ جميعها تجعلنا أمام صورة إنسانية بشرية: كأننا أمام صورة قائد شامخ يقع أسره واقتياده على يد أعداء غاصبين يمسكونه ويعرضونه للإهانة أمام أنصاره وأحبائه. فأي ردة فعل تصدر منهم بعد صدمة المفاجأة؟

֎أحداث الذهول:

الذهول يظهر من المشاهدين الذين يصاحبهم الراوي فيتحركون حركة خفيفة لا يظهر هدفها سوى أن هناك رغبةً للاطلاع على حقائق الأمور لكن الأحوال تتغير ويحتل الصد من الشبان كثيري العدد مكان القبول الحسن من الكهل الشيخ الفرد الواحد فلماذا هذه الشراسة في التعامل؟

֎أحداث الوعي والصراع:

يبدو أن صلة المشاهدين والمرتادين مهما تعمقت بالمكان لم تبلغ نفس درجة عمق العلاقة بينه وبين المنتمين إليه بواسطة العمل لأن ردة فعلهم وردت أعنف وواجهوا المتحكمين الجدد بالصياح والتهجم عليهم لكن ميزان القوى مختل لصالح المحتل. النتيجة إذن إذعان للواقع وصمت وترقرق للدموع في العيون, وكأننا أمام مقاومة لم تملك السلاح للصمود فاستسلمت سريعا وأعلنت الهزيمة أمام المغتصب القوي.فمن يكون؟

֎المالك الجديد ومصير المرتادين:

  لا يذكر لنا النص سبب عرض الفندق على المزاد ولكمه يحبرنا أن هناك من فاز به في صيغة المبني للمجهول. أي أن الراوييعرفه ولا يريد التعريف به بسبب ما تعرض إليه ورفاقه من إنكار وتجاهل فأصابهم بدلا عن التواصل وعن الأنس التفرق والتشتت مثلهم مثل الأطفال يكونون قريبين من أمهاتهم، فإذا ما فارقنهم ودخلت حياتهم زوجة الأب فإنها سرعان ما تقسو عليهم وترمي بهم إلى الشوارع. فهل يعني أن الراوي وجماعته أصبحوا كالأيتام؟ ثم ماذا يمنع المالك الجديد أن يعاملهم بمثل ما كان يخدمهم به الساهرون على خدمة الفندق الصغير السابقون؟

الفندق في حلته الجديدة:


من المفارقة أن المكان حسب رؤيتنا نحن قد لبس أحلى حلة وأصبح أكثر ملاءمة للعصر وأكبر ضخامة ما يزيد في فخامة الفندق ويضاعف في قيمة المكان وفي درجته، غير أن الراوي يتحذ موقفا مخالفا يقول:" لقد تحول الفندق وتحول إلى عملاق أجنبي الملامح. وساخت الأرض ذاك اليوم تحت قدميّ." فأي مواقف اتخذها الكاتبُ من الحديث عن المكان؟ هل يقف ضد غزو المدينة لبساطة الريف وسيطرة البناءات المشيدة على حساب المناطق الخضراء؟ هل أنه يرفض ما تصل إليه الحياة العصرية في مقابل الحياة التقليدية؟ هل يدافع عن الهوية في مقابل هجمة الحضارة الغربية؟ وخاصة هل يقف موقفا من البورجوازية المتوحشة التي تجرف جميع ما يعترضها؟ وهل يحمل هم الشباب ورغبته في الحياة البسيطة بشرب القهوة المحلية ولعب الورق ولعب الرند...؟ وهل التطور الحضاري يحاصر أحلامه البسيطة ويكبلها ويصيبه بالضياع وسط الزحام الحضاري وزخمه؟ أو هل أن المكان هو رمز كل هذه الأسئلة وغيرها؟

الأستاذ: نزار الديماسي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق