في الثّورة...والثّورة المضادّة.
إنّ شرارة الثّورة لا تشترط تخطيطا لإشعالها.لإنّ العقلاء يبالغون في الحساب والتّخطيط والاحتياط والحذر ومراعاة شروط النّجاح ومعالجة الأسباب البعيدة ويبحثون في المثير ويدقّقون في عوامل النّجاح.وفيما هم غاطسون في التّدقيق ينفلت مجنون فيلهب البلاد،ويربك العقل ويسود الغضب ويندفع اللّصوص والشّواذّ ومحترفو الجريمة وأهل البلاغة والشّعر وفرسان السّياسة،ويسقط النّظام الفاسد وتهدأ الثّورة ويبحث الشّعب عن قيادة.من يقود مرحلة ما بعيد الثّورة؟ تتطاول الأقزام ويتنادى المصلحيّون ومن هزمتهم الثّورة المفاجئة ويقودون مسير الثّورة فيحرصون على إعداد الحفر وتمهيد المطبّات وسدّ الطّرقات السّهلة السيّارة ويظلمونها وإن لزم الأمر يؤجّرون من ممتهني الجريمة من يفتح الطّريق للإيقاع بالسّالكين المؤمنين بالثّورة فيقعون في الشّراك.
لقد حدّثنا التّاريخ البعيد أنّ الإمام القرشي العربي علي ابن أبي طالب أقصته الثّورة المضادّة من سباق الخلافة ولمّا جاءته زاحفة راضية مستنجدة به قتل عثمان بن عفّان غيلة وسال الدّم الأحمر على المصحف المقدّس الذّي وحّد النّاس من حوله وفتح الآفاق وأنار الطّريق والسّبل إلى العالم.قتلوا عثمان الخليفة وسدّوا بجثمانه الطّريق أمام إمامة علي رضي الله عنه.وسكبوا دمه على المسالك لتعوق وتنزلق كلّ قوارب النّجدة والإنقاذ والإصلاح.وماذا حدث؟
لقد آلت الخلافة إلى بني أميّة ووقفوا على قبر الرّسول وقال إمامهم:"لقد قاتلتنا على أمر آل وآب إلينا". هكذا الثّورة المضادّة تصبر وتنصب المكائد وتتنادى وتدبّر بليل حتّى تعود الثّورة لهم طائعة سبيّة. هكذا حدث في ثورة بازرقان في إيران ضدّ الشّاه وعاد ليستبدّ جيلا كاملا حتّى حدثت ثورة ثانية1979.وآلت الثّورة إلى بني صدر وخرج هاربا وانتهت بقتل حكومة كاملة بعده،حكومة محمّد علي رجائي،ولكن انتصرت الثّورة. ثمّ تعاقد صدّام،الذي غدر به،مع أمريكا وخاضت حربا لم ترحم حتّى طائرة الحجيج.وماذا بعد.؟.لقد ذبح صدّام يوم العيد. وثورة مدنيّة أخرى انتخب فيها شعب يوما قيادة اختارها فتوقّفت النّتائج وأجّلت الانتخابات إلى الأمس القريب. إنّ الثّورة المضادّة نبت طفيليّ لا يحتاج حرثا ولا ريّا ولا بذرا ولكن لن تثمر ولن تغني من جوع ولن تملأ لنا خزائن..وإنّي أخاف سنوات الجدب والقحط وانعدام القطر فيموت الضّعيف ويهلك الجبان..ولكن ستلد الأرض ثانية وثالثة لتنجب مخلصين أباة بنّائين غير هدّامين.
إنّ الثّورة الفرنسيّة1789.أكلت أبناءها ثمّ جاء "نابّليون" ليغزو الأرض المصريّة ويتوسّع الفرنسيّون ويسودوا ويتقاسموا تركة الرّجل المريض"تركيا".
ولكن ها أنّ نجمة العلم الأحمر عادت خفّاقة..فهل نعتبر ونبصر؟...أليس كذلك؟؟
أبو يوسف البشير العبّاسي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق